أو تتركْهُ يلهَثْ ...!!!

بقلم _السيد صباح النور

من بديع ما قرأته لآبن أبي الحسن يسار ( الحسن البصري) كلامه في خصال محمودة عند الكلب عدّدها بعشر لا تتوفر ( كما يقول) إلا في كل مؤمن وهي : الأولى : أنه لايزال جائعاً حتى يُطعم ، وذلك من آداب الصالحين . والثانية : لا يكون له موضع يعرف به، وذلك من علامات المتوكلين . والثالثة : أنه لاينام من الليل إلا قليلاً ، وذلك من صفات المحسنين . والرابعة : إذا مات لايكون له ميراث ، وذلك من أخلاق الزاهدين . والخامسة : أنه لايترك صاحبه وإن جوّعه وطرده ، وذلك من شيم المريدين . والسادسة : أنه يرضى من الدنيا بأدنى مكان ، وذلك من إشارات المتواضعين . والسابعة : أنه إذا غلب على مكانه تركه وآنصرف الى غيره ، وذلك من علامات الراضين . والثامنة : أنه إذا ضرب وطرد ودعي أجاب ولم يحقد ، وذلك من أخلاق الخاشعين . والتاسعة : أنه إذا حضر شئ للأكل قعد ونظر من بعيد ، وذلك من أخلاق المساكين . والعاشرة : إذا رحل من مكانه لا يرحل بشئ ، وذلك من صفات المجردين .
رحمك الله الحسن البصري وأرضاه على توصيفاته الرائعة لهذا المخلوق الوفي ، ويا ليته كان بيننا الآن ليرى ما الذي حلّ بقلوب الكثيرين من بني آدم في عصرنا  وماذا دهاهم كي يتمردوا على الحق وتخلو قلوبهم وعقولهم من أيّ خصلة من الخصال الحميدة للكلب وآكتفوا في مشاركته باللهاث حين توحدت رؤاهم الشريرة وتشابكت مصالحهم الدنيوية فسعوا في الأرض مفسدين ، يُكفرون من يشاؤون ، ويقتلون النفس التي حرم الله بدون حق ، كلما دعوناهم للتبصر يصمون آذانهم عناداً  كي لا يسمعون ، يرون النور نوراً فينكرونه بحقد وجهل وإصرار ،  وصل الغي بهم لأن يدفعوا بأجساد نتنة من مريديهم لتفجّر كي تقطع أنفاس الأبرياء في مساجد وكنائس عباد الله ، ملأت عقولهم فتاوى الشر الوهابية وصيحات البهت التكفيرية ، وآستجابوا لها بغباءٍ صاغرين ، فتجردوا بذلك عن كل الخصال الحميدة للكلب ، فلا ترى فيهم منه خصلة إلا اللهاث ، أصروا على السير في طريق الضلالة والعناد ، فإن زجرتهم لم ينزجروا ، وإن تركتهم لن يهتدوا ، فالحالتان عندهم سواء ، كحالتي الكلب اللاهث ، فإنَّه إنْ حُمل عليه بالطَّرد كان لاهثاً ، وإن تُرك وربض يظل لاهثاً . فحق عليهم قوله سبحانه وتعالى (كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ) .  جهلة لا يعلمون بأن الله عزّ وجلّ يرفع عبدَه إذا شاء بما آتاه من الصدق والإيمان وصفاء السريرة والعلم ، ويخفض السيئ الفاسق والظالم من عباده ولا يرفع له رأساً ، حتى لو تسلّح بكنوز من أموال السحت التي تمهد له السبيل للرفعة كما يظن ، ليشتري بأمواله عقول مئات المخدوعين ليدفع بهم ( الى تناول الغداء مع الرسول الكريم ) ،  ويُسخر ماله لصناعة  آلاف الفتاوى التي ينبح بها النابحون هناك في مساجد ضرار ، متناسين أن الله تعالى ناصر المستضعفين ونصير المظلومين وهو وحده ( الخافض والرافع ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق