حذَّر المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظلُّه) خلال خطبة الجمعة من تصاعد الفتن الطائفية التي تشهدها سوريا، مشيراً إلى خطورة هذه الممارسات التي تهدِّد السلم المجتمعي وتخدم أعداء الأمة. كما نبَّه إلى وجود مخططات تستهدف المقاومة، وخاصة "حزب الله"، بهدف إثارة معركة داخلية تهدِّد وحدة الأمة. ودعا إلى الوقوف بحزم أمام هذه المؤامرات، والتكتل تحت راية الأمة الإسلامية الجامعة، مشدداً على أهمية وحدة المقاومة بين فلسطين، لبنان، العراق، واليمن كسبيل لمواجهة الكيان الصهيوني ومخططاته الهدامة.
🔸الخطبة الأولى: ذكرى شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام) ودروسها السياسية
تناول المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظلُّه) خلال خطبة الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 24 رجب الأصب 1446هـ الموافق لـ 24 كانون الثاني 2025، ذكرى شهادة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، حيث أكَّد سماحته أن سبب معاناة الإمام من سجن وتعذيب وقتل يعود إلى موقفه الرافض للعملية السياسية لحكَّام زمانه. فقد أرادوا إخضاعه لإرادتهم ومنهجهم، لكنه رفض ذلك بشدَّة.
وبيَّن سماحته أن الإمام الكاظم (عليه السلام) رفض منح الشرعية لنظام حكم لا يطبِّق الإسلام بشكل صحيح، رغم كونه يحمل مظهراً إسلامياً والخليفة من أبناء عمومته. إلا أن الظلم والفساد دفعاه للثبات على موقفه، ما أدى إلى اعتقاله وسجنه لفترات طويلة في ظروف قاسية.
🔹دروس سياسية من موقف الإمام
أوضح المرجع الخالصي أن موقف الإمام الكاظم (عليه السلام) يمنحنا درساً عظيماً حول التعامل مع العملية السياسية، وطرح تساؤلاً جوهرياً: هل يجوز المشاركة في دواوين السلاطين والظالمين؟
وأشار إلى أن مسألة تحريم الدخول في دواوين الظالمين مغيَّبة عن أذهان الكثيرين، إذ يندفع البعض نحو الوظائف والمناصب دون وعي بتبعاتها. وشدَّد على أن المشاركة في تلك المؤسسات لا يجوز بأي حال من الأحوال، إلا بهدف الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر وتحقيق العدل وإنصاف المظلومين. وفي حال عدم تحقق هذه الأهداف، فإن المشاركة فيها تُعدّ مشاركة في الإثم ومساهمة في الظلم.
وأكَّد أن الأنظمة الظالمة لا تعتمد فقط على الظالمين بأشخاصهم، بل على أجهزة ومسؤولين يشاركون فيها دون بصيرة، مما يعزِّز استمرار الظلم.
🔸الخطبة الثانية: غزة ومعركة الأمة الواحدة
🔹وحدة المعركة والمقاومة
في الخطبة الثانية تناول سماحته قضية وقف القتال في غزة كمسألة جوهرية، حيث أكَّد أن المعركة في غزة هي امتداد لمعركة لبنان والعكس كذلك، وهي معركة واحدة تهدف إلى تحقيق وحدة الأمة في مواجهة العدو المشترك. ولفت إلى أن الحديث عن انتصارات أو هزائم في لبنان أو غزة بعقلية طائفية غايته تفكيك وحدة المقاومة وبث حالة اليأس في قواعدها ومفاصلها.
وأشار إلى أن العدو يعمل جاهداً لتفكيك وحدة المقاومة بين فلسطين، لبنان، العراق، واليمن، لأنها حقَّقت انتصارات عظيمة، وباعتبارها السلاح الأقوى لإنهاء الكيان الصهيوني وأعوانه، الذين يحاولون الفرار من مصيرهم المحتوم.
🔹التحذير من الفتن الطائفية
حذَّر الشيخ الخالصي من تصاعد الدعوات الطائفية التي تشهدها بعض الدول، وعلى رأسها سوريا، حيث يتم التعامل مع الأحداث بنَفَس طائفي يُعيد إلى الأذهان تجارب مماثلة في العراق خلال الاحتلال.
وسلَّط الضوء على حادثة قمع طائفي في قرية الغُور بمدينة حمص، حيث تم اعتقال مجموعة من الشباب وإخفاؤهم قسرياً قبل تصفيتهم، وحُرمت عائلاتهم حتى من إقامة مراسم التشييع. واعتبر أن هذه الممارسات تهدف إلى جرّ الأمة إلى صراعات داخلية تُضعفها وتصبّ في مصلحة أعدائها.
🔹الدعوة إلى معالجة قانونية
شدَّد سماحته على ضرورة معالجة القضايا المتعلقة بالفساد والجريمة ضمن إطار قانوني عادل بعيداً عن الاستهداف الطائفي. وأوضح أن أي محاولات تقوم بها جهات مجهولة أو ملثمة للتحرك بحجج واهية قد تؤدي إلى ارتكاب جرائم تُدينها حتى القيادات العليا. وأكَّد على أهمية استدعاء المتهمين بالفساد والجريمة بشكل رسمي وإجراء تحقيقات شفافة تضمن العدالة دون التمييز، مشدِّداً على وجوب محاسبة المذنبين بشكل عادل مع رفض التستُّر عليهم تحت أي ذريعة.
🔹رفض الطائفية ومحاربة آثارها
وكما هو موقفه المبدئي في رفض الطائفية ومحاربة آثارها، أشار المرجع الخالصي إلى أن المشكلة تكمن في الممارسات التي تأخذ منحى طائفياً، كما يحدث حالياً في سوريا، حيث يتم استهداف فئات معينة كالعلويين أو الشيعة بأساليب تعكس ما عاناه العراق في سنوات سابقة، ولكن بأسماء معكوسة. وأكَّد أن تحميل طائفة بعينها مسؤولية أخطاء النظام السابق أو الحالي يُعدّ تدميراً لمستقبل المجتمع.
ودعا إلى إغلاق الملفات الطائفية، والتركيز على وحدة الأمة الإسلامية في مواجهة المشاريع الصهيونية وأدواتها، مع العمل على إحقاق الحق ونصرة المظلومين وتحقيق العدالة، وهذا الأمر ينطبق على كل بلداننا، سواء كان في العراق أو في سوريا أو في أي مكان آخر.
🔹التحذير من استهداف المقاومة
وفيما يتعلق بالمقاومة، نبَّه الشيخ الخالصي إلى مخططات خطيرة تهدف إلى استهداف "حزب الله"، مما ينذر بمعركة داخلية جديدة تُشعل صفوف الأمة نفسها. واستذكر بدايات الحروب التي اندلعت قبل أكثر من عقد، والتي استهدفت تفتيت وحدة الأمة من الداخل.
🔹الدعوة إلى الوحدة والتكتل
ودعا الشيخ الخالصي إلى التحشيد والتكتل تحت راية الأمة الإسلامية الواحدة، مؤكِّداً أن الحفاظ على وحدة الصف وتجنب الفتن الطائفية والعمل على دعم المقاومة هي السبل الأساسية لحماية الأمة وضمان مستقبلها في مواجهة المخططات الهدامة.
🔹مواجهة التطبيع
في ختام الخطبة، أكَّد المرجع الخالصي أن المواجهة الحقيقية تكمن في رفض مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني. ودعا الأمة إلى الاستلهام من سيرة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وأجداده الأطهار، الذين تحمَّلوا الظلم ورفضوا الخضوع للطغاة، سواء كانوا من الداخل أو الخارج. فالقدوة العظمى، رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، قدَّموا نموذجاً في الصمود أمام الظالمين لتحقيق العدل ونصرة المظلومين، ولم يخضعوا لإدارته وسلطته تحت أي عنوان كان.
🌐 https://alkhalissi.org/s269
🔴 telegram: https://t.me/alkhalas/12853
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق