الجدل الدستوري يثير قلق الساحة السياسية في العراق




يشهد المشهد السياسي في العراق حالة من التوتر والقلق المتصاعد على خلفية الفجوات الدستورية القائمة التي ظهرت بوضوح مع بدء عملية تشكيل السلطة الجديدة بعد الانتخابات الأخيرة، ما أعاد فتح ملفات حول صلاحيات السلطات وتوزيع المهام الدستورية بين المؤسسات المختلفة في الدولة.  


بعد إعلان النتائج وتصدّي البرلمان العراقي لمهام تشريعاته، لاحظت أوساط سياسية ومحلّلون أن النصوص الدستورية الحالية لا تزال تفتح المجال أمام تفسيرات متعددة في قضايا حاسمة مثل انتخاب الرئاسة وتحديد صلاحيات البرلمان والحكومة، ما يعقّد عمليات اتخاذ القرار ويؤخر حسم العديد من الملفات الأساسية. 


من أبرز نقاط الخلاف التي تشغل الساحة، الصراع المستمر بين توجهات اللامركزية الفيدرالية مقابل المركزية القوية، حيث يرى جزء من القوى السياسية أن التطبيق العملي للدستور لا يعكس روح الفيدرالية التي ينص عليها نصاً، في ظل هيمنة توجهات مركزية داخل البرلمان والسلطات القضائية، ما يؤجّج التوتر بين بغداد وإقليم كردستان وبعض المحافظات


إضافة إلى ذلك، التأجيل المستمر للجلسات البرلمانية وإشكالات اختيار الرئاسات الثلاث (رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء) يُنظر إليه على أنه انعكاس للفجوات الدستورية في تنظيم هذه العمليات الحساسة، وهو ما أثار تساؤلات حول قدرة النظام السياسي الحالي على تجاوز هذه العقبات دون توافق سياسي واسع بين القوى المختلفة


ويترافق هذا الواقع مع انتقادات أوسع داخل الأوساط القانونية والسياسية حول عدم وضوح بعض المواد الدستورية التي تُعطي صلاحيات واسعة لبعض المؤسسات وتترك أخرى مفتوحة للتأويل، ما يساهم في تعثّر عملية تشكيل الحكومة وتحديد ملامحها بصورة مستقرة وسريعة. وقد اعتبر بعض المراقبين أن هذه الفجوات تزيد من التنافس والتشاحن بين القوى السياسية وتعيق التوافق الضروري لإنجاز المهام الدستورية في وقتها المناسب.  

في ظل هذه التطورات، يبقى التوافق الوطني والتسوية بين المكونات السياسية هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الحالة من القلق الدستوري، خصوصاً مع الضغوط لإنجاز مؤسسات الدولة في أسرع وقت ممكن، وتجاوز أي عوائق قد تفرمل العملية السياسية وتعيد البلاد إلى مناخات من الانسداد المؤسسي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق